قد أكون اخترتُ دستورًا جديدًا للعيش، نظامًا غير مكتوب للتعامل مع كل عنصرٍ كبير و معقد في حياتي، بكل بساطة، أستفيد من الجوانب المفيدة و أستمتع بالجوانب الرائعة، و أتجنب الجوانب المؤذية و قد أتجاهلها.
كثيرةٌ هي المواقف التي أقف عاجزًا عن اختيار ردة الفعل المناسبة تجاه وقوعي ضحية عُرفٍ أو تقليدٍ اجتماعي، بين محاباةٍ خشية وصمي بأوصامٍ متعددة، وبين تحولي لوحشٍ كاسرٍ رافضًا اتباع الطقوس فقط لأنها "المفروض" أعمل بها.
و لا يخفى على الكثير و خصوصًا أبناء جيلي و الذين قد يكونون يقرؤون هذه الأسطر، أن التصادم الحاصل مع الأعراف الاجتماعية تحول بالفعل لأشبه ما يكون سمةً مميزةً لجيلنا المقاتل.
يمر موقفٌ و آخر و ثالث و عاشر، على أمل وصولي أو عفوًا.. وصولنا لمرحلةٍ نمسك زمام اختيار ما نريد فعلًا أن نفعل، حتى نصل لمرحلة قد تكون عمرًا معينًا أو لحظةً تنتهي فيها العاصفة التي اصطنعناها بأنفسنا.
ككُل أمور الدنيا، لا يوجد فئة أو جهة صحيحة و سليمة ١٠٠% ولا نعيشُ براحةٍ تامة في مدننا الفاضلة و بالتأكيد.. لن نستطيع الهرب من فطرتنا البشرية في التواصل الانساني؛ غريزةً للبقاء.
فكرت مرارًا ما هي أفضل الطرق إلى وصال العادات الاجتماعية، علّ أحدهم يدلني لمنطقةٍ أكون فيها متزنًا و راضيًا مرضيًّا.
و لأن العادات الاجتماعية ليست أبيض أو أسود، كان من المنطقي ان أقيّم كل جانب فيها على حدى، لأنال الرضا و القبول و لأكون سعيدًا راضيًا في آن واحد.
تحدثت في حلقة "عايش سعيد؟" في البودكاست عن الدراسة الشهيرة لهارڤارد، أطول دراسةٍ عن السعادة في العالم، و لخصت الدراسة أهمية العلاقات الانسانية في رفع جودة الحياة ككُل و حتى جودة الصحة البدنية!
قد لا تعجبني كثرة الدعوات للمناسبات الضخمة المليئة بأناس لا أعرفهم، لكني استشعر أهمية ملاقاة صديق أو قريب مبتسمًا في أحد أهم أيام حياتهم، أو مواسيًا في أسوئها.
قد لا يعجبني تواجدي في مقبرةٍ او مجلسٍ للعزاء، لكني أفهم أثر التخفيف من لوعة الفقد بالتفافِ المقربين حول الفاقد.
قد لا تعجبنا اجتماعاتنا الأسرية الصاخبة أحيانًا و الثقيلة في أحيانٍ أخرى، لكننا نستشعر أهميتها في بناء أهم علاقة إنسانية على الاطلاق، العائلة.
هذه الطقوس و العادات هي من صميم القِيَم التي ترتكز عليه الأسرة في مجتمعنا و في مجتمعات أخرى، تبني قواعد السند و العون و تُرمم جدران الألفة و المحبة. ولولا هذه العادات، لكانت العلاقات العائلية الحميميةُ منها و الرسمية خاليةً من الروح، باهتةً من البرود.
هناك مثلٌ مشهور نردده حين نبتغي توازنًا في شيء معين، "امسك العصا من النص"، و فعلًا.. الحل الوحيد لهذه المواقف المعقدة و المتعددة الجهات.. هو أن نجد منطقة توازن تضمن حصولنا على أعظم الفوائد و تصالحنا مع أقوى التحديات.