في البداية ستبكي ولن تتأقلم مع وضعك، ستحس أن روحك غابت وخرجت من جسدك وتضيع منك محاسنك، سيحدث أن يسألك أحدهم "أنت بخير؟"، للحظة ستهرول فكرة أن هذا الشخص يهتم لأمرك، لكن تنطلق مآسيك مباشرة وتلقي القبضة على فكرتك البريئة تلك ثم يأمرك داخلك المتهالك أن تخبر السائل أنك في أحسن احوالك.
ستحس بالوحدة خلال سوء وضعك ذاك وتشتكي ما حل بك لجدران غرفتك، لن يحتويك إلا سريرك ولن يربت على كتفك الأيسر إلا كفك اليمنى..
بعد مدة ستبدأ بالتعود نوعًا ما، سيصمت ضجيج عقلك بضع دقائق خلال أيامك بعد أن كان غير قابلٍ للسكوت، ستبدأ في شد حبل تجذب طرفه الآخر روحك، تلك التي أخبرتك بفقدان جسدك لها في بدايتك، مسافة لا يستهان بها بينكما لكنك استعدت صفة الطموح مما سيزيد صمودك، تبتسم عندما تلاحظ تغير ردات فعلك للتفاصيل التي كانت تخنقك "أصبحت حقًا لا تحس بانقباض صدرك بسبب بَعْضِهَا، و ما أروع ذلك!"، يروق لك تكوين صحبة مع حزنك، ذاك أصبح لا يفارقك فلا ضير في مسامرته و تجاهل حقيقة ما يكونه، تتلطف معه لكي يغرب عن وجهك فهو لا يحب شخصًا يبقى ثابتًا أمامه بل يهوى مشاهدة العجز فيه و يتعطش لارتشاف قطرات دموعه لن تنسى سوءًا شعرت به و لن تتوقف ذكرياتك عن كونها بقايا جراحٍ نفسية أصابتك، كلما زار تفكيرك مكانها أحسست بنفس ألم لحظة وقوعها، لن يغادرك التساؤل و سيبقى الغياب و ما حال إليه آدميون من أمور تثير استعجابك، لكنك ستتأقلم و تسترجع روحك و هذا هو الأهم، ستلملم شتاتك و تعيد لنفسك كيانك، ستضيف درسًا عظيمًا لشخصك و تقف من جديد من أجلك، ستشكر داخلك الذي منعتك من الشكوى لغيرك و وحدتك التي أكسبتك من القوة ما ينفعك فيما ستمر به في طريق تكوينك "ذاك السبيل الذي لا ينتهي!"، ستمتن لكل جدار من جدران غرفتك و لكل شبر منك لم يتخلى عنك.
صَدق من قال أن كل مُرٍ يمر، لم و لن يلبث إلى الأبد ذاك الألم الذي تحس بديمومته عند لحظة وقوعه "فالتغيير هو الثابت الوحيد"، و إحساسك السيء سيتغير رغمًا عن الكون و عن ما يجول داخلك في لحظة تحطمك تلك...