الرجوع
تدوينة

الواحد والعشرون من تسرّب الكلمات

الواحد والعشرون من تسرّب الكلمات
تدوينة قصيرة
تدوينة قصيرة
مشاركـة

أن تمر بالأيام لا أن تمر بكِ، أن تعبر بثقل من خلالك، أن تختنق مِن التكدس، لكن لا مجال من الفرار، لذلك يعز عليك أن كل كلماتك عالقة، جميعها تنفر وتختبئ بحنجرتك، تود أن تمزق حنجرتك، و تقتلع قلبك، تود بالخفة لكنك أثقل من كل شيء، أثقل من ورقة شجرة وهي تتساقط في الخريف، كان من الممكن أن كل الأشياء تكون قابعة منذ الوهلة الأولى، لذلك كانت إحدى مخاوفي أن أفيض من عمق الحُب الذي أشعر به نحوك بشكل أو بآخر وأن أندفع نحوك للأبد كان كل ذلك بَيُولُوجِيًّا تشكل بشكلٍ كارثيّ، كان صباحًا لا يشبه تلك الصباحات العذبة، اجتاحني فرط الشعور، ككاتب يدور عن منفاه بين كلماته أو كرسام يحاول أن يجسد محبوبته خوفًا أن تتلاشى من ذاكرته أو كشخص أصم بكل ليلة يحاول أن يجسد كلماته حتى من فرط ما تآكل به نسي ما هي الكلمة كيف يكتب كلماته المحببة رسائله لمحبوبه أو اعترافاته المبطنة ونسي أيضًا كيف يكتب أول كلمة وكأنه فقدٌ للغة.

كُنت أنا آنذاك حينها اندفعت خشية أن تكون بين غياهب الوجود بعيدًا كل البعد، بُت أجدني بين قصائدك وكأنها منفاي الوحيد وكأنها كُتبت لأقرأها فقط لذلك لا أحد بوسعه أن يعي حجم ما يشكله الاندفاع لشخص مثلي، لأن لا أحد يكترث.

unsplash-image-hopX_jpVtRM.jpg

كانت المرة الأولى التي شعرت بها أن روحي مُنذ زمن تُركت بكَ لأطمئن بك وتطمئن بِي، كان كل شيء مدهشًا لكني كُنت خَائِفًا مني ومنك كُنت خائفًا من كلماتي أيضًا كان اندفاعي مترددًا لذلك كنت أتحسس كلماتك خوفًا على أن يتم خدشي، أصبحت شبيهه بالندوب اللامرئية هل كانت الكلمات تتحرر منك لتُقذف بصدري معلنة هُنا عن استسلامها، بشكل بائس كما لو أنها كانت تحت حكم الصمت الأبدي، أود لو أن أتحسسها بلا خوف، لأطمئنها ولأجعل الرقة تلامسها، كانت تلك هي الخطوة الثقيلة التي من بعدها حلت كلعنة وتناثرت التساؤلات، كيف لشخص أن يشعر أنك نحوه إلى الأبد بينما يخافُ للمرة الثانية والثالثة وربما العاشرة أن يَخْذُل، أن تستنزف مشاعره، في وقت خطأ أو أن الحياة لن تُنْصِفهُ هذه المرة كعادتها أو أن تقذف به وأن تأخذه خلسة.

هل يجب أن أَدُسّ ما بِي إلى الأبد، أن أكون أنا لك لكن ما بيني وأن يضل حجم انتظارك لي يتأكل ليضل ضَئِيلاً جِدًّا أن تنتظرني حينها، ولكن في إحدى ليالي الانتظار المأساوية ومن فرط الشعور، أتيت محاولًا ضماد صباحك بطريقة رقيقة تُشبهني.